حسن الخاتمة هو: أن يوفق العبد قبل موته للتقاصي عما يغضب الرب سبحانه، والتوبة من الذنوب والمعاصي، والإقبال على الطاعات وأعمال الخير، ثم يكون موته بعد ذلك على هذه الحال الحسنة، ومما يدل على هذا المعنى ما صح عن أنس بن مالك رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (إذا أراد الله بعبده خيراً استعمله) قالوا: كيف يستعمله؟ قال: (يوفقه لعمل صالح قبل موته) رواه الإمام أحمد والترميذي و صححه الحاكم في المستدرك . ولحسن الخاتمة علامات، منها ما يعرفه العبد المحتضر عند احتضاره، ومنها ما يظهر للناس. و علامات حسن الاخرة كثيرة منها:
• النطق بالشهادة عند الموت، ودليله ما رواه الحاكم وغيره أن رسول صلى الله عليه وسلم قال : (من كان آخر كلامه لا إله إلا الله دخل الجنة)
• ومنها: الموت برشح الجبين، أي : أن يكون على جبينه عرق عند الموت، لما رواه بريدة بن الحصيب أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: (موت المؤمن بعرق الجبين) رواه أحمد والترمذي.
• ومنها: الموت ليلة الجمعة أو نهارها لقول رسول الله صلى الله عليه وسلم: (ما من مسلم يموت يوم الجمعة أو ليلة الجمعة إلا وقاه اله فتنة القبر).
• ومنها: الاستشهاد في ساحة القتال في سبيل الله، أو موته غازيا في سبيل الله، أو موته بمرض الطاعون أو بداء البطن كالاستسقاء ونحوه، أو موته غرقاً، ودليل ما تقدم ما رواه مسلم في صحيحه عنه صلى الله عليه وسلم أنه قال: (ما تعدون الشهيد فيكم؟ قالوا: يا رسول الله ، من قتل في سبيل الله فهو شهيد، قال: إن شهداء أمتي إذا لقليل قالوا: فمن هم يا رسول الله ؟ قال: من قتل في سبيل الله فهو شهيد، ومن مات في سبيل الله فهو شهيد، ومن مات في الطاعون فهو شهيد، ومن مات في البطن فهو شهيد، والغريق شهيد).
• ومنها: الموت بسبب الهدم، لما رواه البخاري ومسلم عنه قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (الشهداء خمسة: المطعون، والمبطون، والغرق، وصاحب الهدم، والشهيد في سبيل الله) .
• ومنها أيضاً : ما دل عليه ما رواه أبو داود والنسائي وغيرهما أنه صلى الله عليه وسلم قال: (من قتل دون ما له فهو شهيد، ومن قتل دون دينه فهو شهيد، ومن قتل دون دمه فهو شهيد) .
• ومنها: الموت رباطا في سبيل الله، لما رواه مسلم عنه صلى الله عليه وسلم قال: (رباط يوم وليلة خير من صيام شهر وقيامه، وإن مات جرى عليه عمله الذي كان يعمله، وأجري عليه رزقه، وأمن الفتان) . ومن أسعد الناس بهذا الحديث رجال الأمن وحرس الحدود براً وبحراً وجواً على اختلاف مواقعهم إذا احتسبو الأجر في ذلك
أسباب حسن الخاتمة
من أعظمها: أن يلزم الإنسان طاعة الله وتقواه، وراس ذلك وأساسه تحقيق التوحيد، والحذر من ارتكاب المحرمات، والمبادرة إلى التوبة مما تلطخ به المرء منها، وأعظم ذلك الشرك كبيره وصغيره.
• ومنها: أن يعمل الإنسان جهده وطاقته في إصلاح ظاهره وباطنه، وأن تكون نيته وقصده متوجهة لتحقيق ذلك، فقد جرت سنة الكريم سبحانه أن يوفق طالب الحق إليه، وان يثبته عليهن وأن يختم له به.
أما الخاتمة السيئة فهي: أن تكون وفاة الإنسان وهو معرض عن ربه جل وعلا، مقيم على مسا خطه سبحانه، مضيع لما أوجب الله عليه، ولا ريب أن تلك نهاية بئيسة، طالما خافها المتقون، وتضرعوا إلى ربهم سبحانه أن يجنبهم إياها.
وقد يظهر على بعض المحتضرين علامات أو أحوال تدل على سوء الخاتمة، مثل النكوب عن نطق الشهادة - شهادة أن لا إله إلا الله - ورفض ذلك، ومثل التحدث في سياق الموت بالسيئات والمحرمات وإظهار التعلق بها، ونحو ذلك من الأقوال والأفعال التي تدل على الإعراض عن دين الله تعالى والتبرم لنزول قضائه.
أسباب سوء الخاتمة
وبهذا يعلم أن سوء الخاتمة يرجع لأسباب سابقة، يجب الحذر منها.
• ومن أعظمها: فساد الاعتقاد، فإن من فسدت عقيدته ظهر عليه أثر ذلك أحوج ما يكون إلى العون والتثبيت من الله تعالى:
• ومنها: الإقبال على الدنيا والتعلق بها.
• ومنها: العدول عن الاستقامة والإعراض عن الخير والهدى.
• ومنها: الإصرار على المعاصي وإلفها ، فإن الإنسان إذا ألقت شيئا مدة حياته وأحبه وتعلق به، يهود ذكره إليه عند الموت، ويردده حال الاحتضار في كثير من الأحيان.
لأجل ذلك كان جديرا بالعاقل أن يحذر من تعلق قلبه بشيء من المحرمات، وجديرا به أن يلزم قلبه ولسنانه وجوارحه ذكر الله تعالى، وأن بحافظ على طاعة الله حيثما كان، من أجل تلك اللحظة التي إن فاتت وخذل فيها شقي شقاوة الأبد.
الهم اجعل خير أعمالنا خواتيمها، وخير أعمارنا أواخرها، وخير أيامنا يوم نلقاك فيه، اللهم وفقنا جميعا لفعل الخيرات واجتناب المنكرات. وصلى الله وسلم على نبينا محمد وعلى آله وصحبه.